الممثل الفلسطيني صالح بكري.. نجم عالمي يقتحم المسلسلات المصرية بـ”تغيير جو”

بدأ قبل أيام قليلة عرض المسلسل المصري “تغيير جو” خلال النصف الثاني من شهر رمضان 2023، والعمل من بطولة منة شلبي وإياد نصار، وينضم لهما الممثل الفلسطيني صالح بكري.
رغم أن وجه بكري قد لا يكون مألوفا لدى الجمهور العربي، فإنه ليس ممثلا مبتدئا، بل هو مخضرم شارك في بعض من أهم الأفلام العربية، منها “أزرق القفطان”، الفيلم المغربي الذي وصل إلى القائمة القصيرة للأفلام المرشحة لجائزة أوسكار أفضل فيلم دوليّ هذا العام، وهو ابن لعائلة سينمائية عريقة، وقدّم أفلام لبنانية ومغربية وإيطالية وفلسطينية أيضا.
من هو صالح بكري بطل مسلسل “تغيير جو”؟
صالح بكري هو الابن الأكبر للمخرج والممثل الفلسطيني محمد بكري، وأخ للفنانين زياد وآدم بكري. بدأ صالح مسيرته في المسرح، وفي العام 2007 ظهر أول مرة على شاشة السينما بفيلم “زيارة الفِرْقة الموسيقية”، ثم بعد ذلك بعام في فيلم “ملح هذا البحر” من إخراج آن ماري جاسر، والذي عُرض في مهرجان كان السينمائي عام 2008 وأطلق مسيرة صالح بكري بشكل حقيقي، ومثّل الفيلم فلسطين في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم دُوليّ، وبعده فيلم “عيد ميلاد ليلى” للمخرج رشيد مشهراوي.
في العام التالي، ظهر صالح بكري في فيلم السيرة الذاتية “الزمن الباقي” للمخرج الفلسطيني الشهير إيليا سليمان، وفيه قدم دور والد المخرج “فؤاد”، بعد ذلك بثلاث سنوات دخل تجربة جديدة بفيلم إنتاج فرنسي بعنوان “عين النساء” (La Source des femmes) من إخراج رادو ميهالينو بطولة الفرنسية من أصل جزائري ليلى بختي وحفصية حرزي، وعُرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي 2011.
تعاون مرة أخرى مع آن ماري جاسر في فيلم “لما شفتك”، الذي اختير لتقدمه فلسطين لجائزة أوسكار أفضل لغة أجنبية، وفاز بجائزة أفضل فيلم آسيوي في الدورة الـ63 لمهرجان برلين السينمائي الدولي.
شهد عام 2011 أيضا مشاركة صالح بكري في السينما الإيطالية عبر فيلم قصير بعنوان “ألعاب نارية” (Fireworks) من إخراج جياكومو أبروزيزي، ثم قام بدور البطولة في فيلم الإثارة والتشويق “سالفو” (Salvo) الذي فاز بجائزة مسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي عام 2013.
وفي العام 2015، ظهر الممثل الفلسطيني في مسرح “البلاط الملكي” (Royal Court Theatre) بإنجلترا، مشاركًا في مسرحية “ألعاب نارية” للكاتبة المسرحية الفلسطينية داليا طه حول عائلتين تعيشان تحت الحصار في غزة.
عاد صالح بكري للعمل مرة أخرى مع آن ماري جاسر في فيلم “واجب” في العام 2017، والذي عُرض في قسم السينما العالمية المعاصرة في مهرجان تورنتو السينمائي 2017، وفاز بـ36 جائزة دولية بما في ذلك أفضل فيلم في مار ديل بلاتا ومهرجان دبي ومهرجان دي سي السينمائي ومهرجان لندن.
ومن بين أعماله الحديثة الفيلم القصير “الهدية” (The Present) في العام 2021، والذي ترشح لأوسكار أفضل فيلم قصير لكنه لم يفز بها، وشاركته بطولته المخرجة والممثلة نادين لبكي، وعُرض في مهرجان فينيسيا السينمائي.
صالح بكري.. العالمية بمعناها الحرفي
قال صالح بكري في حوار صحفي “أنا ابن هذا الكوكب، وأي قضية إنسانية على سطحه تعنيني بشكل كبير. لست متقوقعا أو منغلقا على نفسي، وأرى من خلال قضيتي كافة القضايا الإنسانية التي تحتاج إلى علاج على هذه الأرض”.
من سيرته الذاتية المختصرة، نجد أن بكري قدم أعمالا متنوعة للغاية، ربما تنوع لم يصل إليه ممثل عربي من قبل، فقد مثل في أفلام فلسطينية ولبنانية ومغربية وإيطالية وفرنسية، وعلى الرغم من مواقفه ووالده النضالية ضد المحتل الإسرائيلي، فإنه لم يلزم نفسه بالقضية الفلسطينية فقط، بل يعد قضايا العالم كلها قضاياه، يحارب الصهيونية في أفلام مثل “ملح هذا البحر” و”واجب” بحماسته نفسها في مواجهة القضاء على الغابات اللبنانية وتهديد البيئة في فيلم “كوستا برافا”.
يتقن الممثل الفلسطيني لهجات عربية عديدة كما لو أنه ينتمي لكل البلاد وليس محدودًا في مساحة جغرافية أو قومية محددة، ولم يلزم نفسه بالأفلام الروائية الطويلة فقط، إذ قدم المسرحيات والأفلام القصيرة، وجرب “الفيديو آرت” (Video art) مع الفنان شريف واكد عام 2009 بمشروع “يتبع” (To Be Continued) الفني الذي تناول فكرة توثيق اللحظات الأخيرة لشخص سيقوم بعملية انتحارية، وكيف سيصبح هذا الفيديو وسيلة لخلود هذا الشخص بعد انتشاره على شبكة الإنترنت.
صالح بكري ابن للسينما العربية المستقلة، وهي سينما فنية بعيدة عن الجانب التجاري للصناعة، يسعى منتجوها للحصول على التمويل من الجهات والمهرجانات المختلفة ربما على مدى سنوات، لتُعرض أفلامها في المهرجانات العالمية قبل العربية، سينما لها خصوصيتها، على الرغم من ابتعادها عن الجمهور العادي، وربما ظهور المنصات الإلكترونية وعرض بعض أفلام آن ماري جاسر وإيليا سليمان على نتفليكس -على سبيل المثال- طريقة تسهم في وصول هذه الأعمال التي تستحق المشاهدة إلى المتفرجين.
ويعد مسلسل “تغيير جو” خطوة مختلفة في مسيرة صالح بكري، ليوضع في اختبار القبول لدى الجمهور المصري والعربي الشديد الاتساع والاختلاف عن الجماهير النخبوية للأفلام المستقلة، ربما نجاحه في هذا المسلسل يجعل المشاهدين يعودون لأعماله السابقة ويعرفون الأوجه المختلفة له.