أبناؤنا مختلفون عنا

الأغلبية يندمجون مع من يشبههم في الأفكار والتوجهات والأحلام والميولات والرغبات وغيرها، ولكن المعضلة تكمن فيمن يختلف عنا، وطبيعي حتى أقرب الناس إلينا، لن تجدهم يشبهونك، ولكن البعض من الآباء يرغبون بأن يصبح أبناؤهم نسخة عنهم، فيحاولون دفعهم لتحقيق أحلامهم التي لم يستطيعوا إنجازها أو تحقيقها أثناء حياتهم، وكل ذلك على حساب الطفل الذي يقع في براثن عقلية أسرته، دون أن يدركوا أحياناً أن طفلهم غير قادر على الوفاء بمعاييرهم العالية غير الواقعية وقد لا يمتلك القدرة العقلية والعاطفية والجسدية.
يتم خلال تربية الطفل أحياناً حرمانه من الدفاع عن نفسه، والثقة بالنفس والافتقار إلى الاعتماد على الذات، ولذلك ينبغي مساعدة الطفل في الاعتماد على نفسه، فيمكن للطفل أن يرتكب الأخطاء لتعلم الدروس، وبمجرد أن يتعلم الدروس فإنه لن يكرر أخطاءه، لذلك فإنني مؤمنة أن الاختلاف ينتج عنه الكثير من التنوع وإثراء الحياة، لذلك فإن هناك قطاعاً كبيراً من الآباء والأمهات يرغبون بجعل أبنائهم نسخة عنهم في التفكير نفسه.
من الأفضل أن نترك لأطفالنا حرية اختيار ما يرغبون به ويحبونه حتى تقوى شخصياتهم، ونترك لهم اختيار ما يجدون أنفسهم فيه وما يحبونه، فهو ليس نسخة مكررة ولا شخصية تشبهنا، إنه شخص مختلف يحتاج للدعم والتوجيه والنصح. إنه يحتاج التوجيه في المنزل والمدرسة والحياة وتقدير الذات والنصيحة وزيادة معارفه وخبراته الحياتية؛ ويؤكد علماء النفس أن دعم الطفل في جميع النواحي الجسدية أو النفسية ودعم مواهبه بشكل واضح ومخطط له سوف يفسح المجال أمام الطفل للتجربة والاكتشاف ومعرفة ميوله وهواياته، وهي أولى الخطوات نحو البناء النفسي السليم لطفل نعده للمستقبل، ويجب أن يتفهم الطفل أن الاختلاف أقرب وسيلة للإبداع والتميز وحتى يتم بناؤه وتعزيزه فهو يحتاج التشجيع والدعم، لذلك فإن ملامح الإبداع لن تكون في التقليد أو التكرار، لنتذكر أن اختلاف أطفالنا وتميزهم هما ميزة وخصلة يجب دعمها للمستقبل.