الاستهلاك بين الحاجة والرغبة

تتزايد في شهر رمضان بعض الممارسات الخاطئة، ونستغرب انتشارها لدى فئة كبيرة في أغلبية المجتمعات العربية، وهي ثقافة الاستهلاك، والغريب أن هذا الشهر شهر الفضيلة والشعور بالآخرين والعطاء، والقيم الأخلاقية، وغيرها من القيم التي حث ديننا الإسلامي عليها.
يتحول شهر رمضان لفرصة للاستعراض والتباهي الاستهلاكي، وتصوير الأكل وقت الجمعات، التي باتت مظهراً من مظاهر الترف والتباهي على وسائل التواصل الاجتماعي، كل تلك السلوكيات لها تأثير سلبي في شرائح المجتمع، فيتزايد الإسراف والشراء دون حاجة حقيقية، للأسف، هناك شريحة تفتقر لثقافة التوفير، ولديها عادة التبذير والشراء دون هوادة، ودون تركيز أو تخطيط.
المؤلفة والكاتبة آن لاندرز، توضح ذلك حيث تقول: الكثير من الناس اليوم يعرفون أسعار الكثير من الأشياء، لكنهم لا يعرفون القيمة الحقيقية لأي شيء. إننا نذهب إلى السوق للشراء، وليس للحاجة، وهذا ما يحصل في شهر رمضان وغيره، إن هذا النمط الاستهلاكي الذي فرضناه على أنفسنا في رمضان، والعادات الاجتماعية المبالغ فيها، مثل الولائم والاجتماعات العائلية والتفاخر بين الناس، وشراهة أفراد المجتمع على التسوق، لقد أصبحنا مجتمعاً استهلاكياً لا يملك أي وعي بقيمة الاحتياجات، وكيف تتم علمية الشراء ومتى؟.
إن دولة الإمارات من الدول التي تسعى لترشيد الاستهلاك، عبر مجموعة من المبادرات، أهمها بنك الإمارات للطعام، الذي تأسس في 2017، بتوزيع الطعام الفائض، بالتعاون مع المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية.
كما تواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، تنفيذ «مشروع حفظ النعمة»، الذي بدأ منذ عام 2004، لعلاج ظاهرة الإسراف في استهلاك المواد الغذائية، لتوزيعه على الأسر المعوزة وغيرها.
لا تزال ثقافة الاستهلاك تمثل معضلة كبيرة، تحتاج إلى وعي ومعرفة وإدراك وفهم ومحاولة علاج، فشهر رمضان فرصة كبيرة للبحث عن العلاج، ومحاولة مساعدة المحتاجين، والتقليل من النفقات، وضرورة التوجيه في الأسرة، والابتعاد عن الثقافة الاستهلاكية، وكما يقال «لا تسرف ولو من البحر تغرف».