منوعات

رمضان شهر العِتق

من خصائص رمضان أنْ جعله الله تعالى شهراً يُعتِق فيه في كل ليلة عدداً كبيراً من خلقه من النار، بمعنى أنه تعالى يعفو عنهم، فلا يدخلون النار.

إن كل مسلم على وجه الأرض يتمنى أن يُعتقه الله من النار، وما العبادة والجُهد المبذول كله إلا من أجل أن يرضى الله عنا فيرزقَنا الجنة، وينجينا من النار. قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (185)﴾ [آل عمران] فالشرف العظيم، والهدف السامي، هو الحصول على رضا الله، والنجاة من النار ودخول الجنة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة». فدلنا دلالةً واضحة أن الله في كل ليلة من ليالي رمضان يمُنُّ على بعض عبيده بهذه المكرُمة العظيمة القدر، التي لو بُذل لأجلها ما بُذل لكان ثمناً بخساً في بضاعة لا تُقدَّر بثمن، والعتيق هو المُخلَّص الناجي من النار؛ أي إن الله تعالى إذا أعتق عبداً من النار فقد خلَّصه منها فلا يدخلها أبداً.

والناس في تحقيق هذا المراد أقسام:

قسم يعبد الله في رمضان ويحافظ على كل ساعاته، فتراه يُعِدّ العُدّة لرمضان من شعبان، فيشتري كلما يحتاج إليه لرمضان والعيد، بل إن بعضهم يأخذ إجازته السنوية في رمضان، والهدف أن يتفرَّغ في هذا الشهر لصلاة الليل، وصيام رمضان؛ فهو خلال هذا الشهر في عمل دؤوب؛ يصبح فيصلي الفجر في جماعة، ثم يجلس إلى الشروق، ثم يصلي، ثم يعود إلى بيته ليأخذ قسطاً من الراحة، ثم يقوم فيصلي الضحى، ويقرأ القرآن إلى صلاة الظهر، ثم يجلس لفترة يُكمِل فيها ما وضع لنفسه من أجزاء، وبعد العصر يجلس لتلاوة القرآن، حتى قرب الإفطار؛ ويذكر الله قبل الغروب، ثم بعد الإفطار والصلاة تبدأ فترة الليل، من قيام وعمل، فإذا قضى صلاته عاد إلى بيته وجالس أهله مُذكِّراً، وقد يجلسون يتلون كتاب الله ما قُدِّر لهم.

وقسم يكتفي بصلاة الفروض، ويزاول أعماله، ويقرأ من القرآن قدراً حسب ما يسمح به وقته، لكنه يصرف كثيراً من الوقت على المواقع الاجتماعية، وهو وإن صبر يوماً لم يصبر في اليوم التالي، وهذا في صلاة الليل يبحث عن رجل يخفف الصلاة حتى يعود لممارسة حياته الطبيعية، فلم يُغيِّر الصيام في برنامجه كثيراً من الأمور.

وقسم يكتفي بالصيام بغير صلاة، ولا قراءة قرآن، ويقلب الليل نهاراً، فهذا إذا ذهب إلى المسجد ربما لصلاة التراويح، أمَّا سائر الفرائض فربما صلَّاها في البيت، بل إن بعض الشباب قد يُهمل بعض الصلوات. هذا النوع ينام إلى المغرب، فإذا أيقظته قال لك: أذَّن؟ فإن قلت: لا. عاد إلى سباته. أمَّا ليله ففي الأسواق، وفي المُلهيات، وكأن رمضان شهرٌ للهو، واللَّعب! الدوام قصير فنرجع لننام، والليل طويل فنستغله بالسهر، ! فشتان بين مُشرِّقٍ ومغرِّب! أيام ستمر على الجميع، وسيربح قوم، ويخسر آخرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى