سياسة

تصدرت محركات البحث.. كيف تحولت مدينة مروي إلى واجهة الأحداث في السودان؟

الخرطوم– تسيدت مدينة مروي (شمالي السودان) قائمة الأحداث العاصفة خلال الساعات الماضية في أعقاب تحولها إلى مسرح لصراع علني مكشوف لطالما تكتمت عليه القيادات العسكرية وأنكرته.

وتصدرت المدينة الواقعة على بعد 350 كلم شمال العاصمة الخرطوم الاهتمام المحلي والعالمي بعد نشر الدعم السريع قوات ضخمة في محيط مطارها، الأمر الذي عارضه الجيش باعتبار أن الخطوة ليست محل اتفاق ومن دون إخطار مسبق، وحث قادة الدعم السريع على الانسحاب ومغادرة المنطقة ولكن دون جدوى.

وتمثل مروي ثقلا أمنيا وإستراتيجيا بالغ الأهمية، وفقا للخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل مجذوب، حيث تضم مطارا عسكريا وآخر مدنيا، وتوجد بها قاعدة جوية، ويغطي مطارها -حسب حديث إسماعيل للجزيرة نت- العمليات الجوية في شمال السودان وشرقه وغربه، ويعتبر قاعدة جوية مساندة بديلة للقواعد العسكرية الأخرى في السودان وللمطار العسكري الأول في الخرطوم ويستقبل مطارها الكبير الطائرات العسكرية المقاتلة وطائرات النقل الجوي.

واحتضنت القاعدة الجوية في مروي تدريبات عسكرية ومناورات جوية مشتركة بين الجيشين السوداني والمصري مارس/آذار 2021، ووقتها أثارت هذه المناورات جدلا واسعا وصنفت كرسالة لإثيوبيا في سياق خلافاتها مع السودان ومصر بسبب سد النهضة، لكن القادة العسكريين في السودان شددوا على أن تلك التدريبات روتينية ولا تمثل تحركا ضد أي جهة.

ويعتبر مطار مروي الدولي من أكبر المشاريع التي صاحبت إنشاء سد مروي الذي تم عام 2009، والذي يقع شرق المدينة مطلا علي طريق شريان الشمال الذي يربط المدينة بجسم السد، ويعتبر من البنى التحتية المهمة للمنشأة المائية الضخمة وهو من المطارات الحديثة في السودان ويعد ميناء جويا يربط بين دول أفريقيا ودول الخليج وأوروبا ويزود الطائرات ويسهم في إنعاش السياحة في السودان.

وصمم المطار على مواصفات هبوط وإقلاع الطائرات الضخمة، حيث يبلغ طول مهبط الطائرات فيه نحو 4 كيلومترات وعرض 60 مترا، في حين تبلغ المساحة الكلية للمطار 18 كيلومترا مربعا (بطول 6 كلم وعرض 3 كلم) جعلته من أكبر المطارات في القارة الأفريقية.

جبل البركل بمحيط مروي الذي أدرجته اليونسكو عام 2003 في قائمة مواقع التراث العالمي (غيتي)

ومن ميزات مطار مروي أنه يسمح بحركة جوية طيلة أيام السنة حتى في حالة انعدام الرؤيا، إذ إنه مزوّد بأنظمة هبوط آلي حديثة، ويستقبل الطائرات الضخمة علي شاكلة طراز “إيرباص” (Airbus)، ويمكنه كذلك أن يستقبل نحو 9 طائرات دفعة واحدة في ميزة لا تتوفر ببقية مطارات السودان.

وتتمركز في المدينة الفرقة الـ19 التابعة للجيش السوداني المعنية بحماية المرافق الإستراتيجية في المنطقة.

موقع أثري بالقرب من مروي (الأوروبية)

أرض الحضارة

تقع مدينة مروي في منطقة أثرية بالغة الأهمية حيث يقع على بعد أمتار منها جبل البركل الذي أدرجته اليونسكو عام 2003 في قائمة مواقع التراث العالمي، ويشغل جبل البركل ومواقع المنطقة النوبية مساحة تفوق طولها 60 كيلومترا في وادي النيل، وتحتضن آثار الثقافتين النوبية والمروية السائدتين في ظل دولة كوش الثانية، وفقا لما ذكره الموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو.

ويحتوي جبل البركل على 13 معبدا تقريبا، من أكبرها وأشهرها المعبد المخصص للإله أمون رع، وأشارت منظمة اليونسكو إلى اعتقاد المصريين أن أمون سكن في الجبل الذي عرف أيضا باسم الجبل الطاهر.

كما توجد بالقرب منها منطقة الكرو، وهي من المعالم التاريخية المهمة ويوجد بها 3 مدافن للملوك الكوشيين والملكات الكوشيات ومدفن للخيول.

يقدر عدد سكان مروي بنحو 120 ألف نسمة، يرتبط غالبهم بالزراعة، حيث يعد التمر من أشهر المنتجات فيها كما تعتبر المدينة مركزا رئيسيا للخدمات الصحية والتعليمية ويقصدها سكان القرى المحيطة بشكل يومي. وتضم المدينة جامعة مروي التكنولوجية وتشتمل على كليات الطب والعلوم الصحية والهندسة والعلوم والتكنولوجيا والعلوم الاجتماعية.

وتعد قبيلة الشايقية السكان الأصليين في مروي، ثم الرباطاب والدناقلة والمحس وغيرها من القبائل العربية التي سكنت المنطقة وما زالت حتى اليوم.

A member of a disaster management team secures the Merowe Dam in northern Sudan
سد مروي يزيد طوله على 9 آلاف متر وبارتفاع 67 مترا (رويترز)

سد مروي

وذاع صيت مروي بإنشاء سد مائي ضخم في منطقة الحماداب بطول يزيد على 9 آلاف متر على ضفتي نهر النيل وارتفاع 67 مترا، وهو بذلك يعد سدا متوسط الارتفاع، لكنه في الوقت نفسه ينتج الطاقة التي تنتجها السدود المرتفعة وذلك لعمق نهر النيل ووفرة مياهه.

واكتمل بناء السد الذي حمل اسم مروي في مارس/آذار 2009، وصاحب عملية بنائه عدد من المشاريع التحضيرية، بينها إنشاء عدد من الطرق والجسور وخط للسكة الحديد ومدينة سكنية لإقامة فريق العمل الذي تألّف من 5 آلاف عامل نصفهم من السودانيين والنصف الآخر من الصينيين، بلغت التكلفة الإجمالية للسد نحو 3 مليارات دولار، ساهمت الصناديق العربية بتمويل مليار و223 مليون دولار، في حين موّلت الحكومة السودانية المشروع بمبلغ مليار و114 مليون دولار، وساهمت الحكومة الصينية بقيمة 608 ملايين دولار.

ويولد سد مروي الطاقة الكهربائية منتجا طاقة بقوة 1,250 ميغاوات ويعمل كذلك على ري نحو 300 ألف هكتار من المشاريع الزراعية في الولاية الشمالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى