Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

إنجازات وخسائر إسرائيل بعد وقف الحرب على إيران

القدس المحتلة- بعد 12 يوما من المواجهة العسكرية المكثفة بين إسرائيل وإيران، دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، معلنا نهاية مرحلة من الصراع الحاد، لكنه لم يحدد مسارًا واضحا لما بعده.

ما تحقق في هذه الحرب لا يمكن اختزاله في انتصار حاسم أو هزيمة كلية، بل مزيج من الإنجازات العسكرية الملحوظة، والإخفاقات السياسية والإستراتيجية التي تطرح أسئلة صعبة حول مستقبل الصراع.

وعسكريا، نجحت إسرائيل بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، بتوجيه ضربات مؤثرة للبرنامج النووي الإيراني، وإلحاق أضرار جسيمة بترسانتها الصاروخية.

وأعادت هذه الضربات، وبحسب التحليلات الإسرائيلية، تأخير تطوير السلاح النووي وطوَّقت تهديدات الصواريخ الباليستية، مما خلق نوعا من ميزان ردع جديد في المنطقة.

تحديات

لكن الإنجاز العسكري لم يكن كاملا بإجماع محللين إسرائيليين، فلم يُدمر المشروع النووي، وستستمر إيران بتطوير برنامجها النووي، ولم يسقط النظام الإيراني كما كانت تطمح تل أبيب وأطراف دولية.

بل بدا النظام أكثر تماسكا، وما زال المرشد الإيراني علي خامنئي على رأس الهرم، ويحظى بدعم شعبي ملحوظ، ما يعكس إخفاقًا في تقويض أركان النظام أو تأليب الرأي العام الإيراني ضده خلال أيام القتال.

وفي الوقت ذاته، كشفت الحرب هشاشة الدفاع الإسرائيلي، كالقدرة المحدودة على صد الصواريخ الباليستية، والضعف في البنية التحتية للجبهة الداخلية، التي عانت نقص الملاجئ والحماية المدنية، إضافة للتحديات الأمنية التي فرضها إغلاق المجال الجوي، وتقطع سبل عشرات آلاف الإسرائيليين بالخارج.

وزاد تعقيدَ المشهد، أنّ وقف إطلاق النار لم يستند إلى اتفاق سياسي ملزم، ما يجعل استئناف إيران نشاطها النووي والصاروخي محتملا، سواء عبر تطوير ذاتي أو من خلال التعاون مع دول أخرى كروسيا والصين، وهو ما يعني أن إسرائيل تواجه تحديا مستمرا للحفاظ على تفوقها وقدرتها على الردع، وسط احتمالية تصعيد مستقبلي.

الدمار الكبير الذي لحق بمنشأة أصفهان النووية بعد تلقيها ضربات أميركية (الفرنسية)

استثمار الإنجازات

ومع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ بين إسرائيل وإيران، أفاد المراسل العسكري للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، إيتاي بلومنتال أن “إسرائيل حققت إنجازات عسكرية إستراتيجية مهمة”.

ووفق التقييمات الأولية، يقول بلومنتال “تلقى البرنامج النووي الإيراني ضربة قاسية ستؤخر تقدمه لسنوات”، وذلك بعد غارات أميركية على منشآت نووية حيوية في فوردو، ونطنز، وأصفهان، كما نفذت إسرائيل أيضا “عملية نارنيا”، التي اغتالت خلالها 11 عالما نوويا إيرانيا، ما أفقد النظام خبرات نووية قيمة.

وعلى صعيد الصواريخ، أُطلقت حوالي 600 صاروخ إيراني على إسرائيل، بينما دمَّر سلاح الجو الإسرائيلي نحو 60% من منصات الإطلاق ومصانع تصنيع الصواريخ، ما قلَّص ترسانة إيران من ألفين إلى حوالي ألف صاروخ باليستي، وأرجأ خطط إنتاجها الصاروخية لسنوات.

ورغم وقف إطلاق النار، يؤكد رئيس قسم الشؤون العربية في هيئة البث الإسرائيلية “كان 11″، روعي كيس، أن الصراع مع إيران لم ينتهِ فعليا، وقد تلقى النظام الإيراني ضربات قوية في برنامجه النووي وترسانته العسكرية، ما كشف هشاشة بنيته الإستراتيجية.

ومع ذلك، يشير كيس إلى أن النظام الإيراني لا يستسلم بسهولة، والفكر المعادي لإسرائيل وأميركا لا يزال راسخا ويحظى بتأييد داخل إيران وحلفائها الإقليميين.

وطرح كيس تساؤلات حول المرحلة القادمة وكيفية ترجمة الإنجازات العسكرية لواقع سياسي ينهي هيمنة إيران، وعن تعزيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية بعد الخسائر، واستثمار نقاط ضعف إيران لتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وختم بأن التحدي يكمن في تحويل النجاحات العسكرية إلى إنجازات سياسية مستدامة، لتجنب تحولها إلى لحظة عابرة في صراع طويل.

ثغرة الردع

وأسفرت الحرب عن سقوط 28 قتيلا إسرائيليا، وإصابة أكثر من 3200 شخص، بينهم 5 قتلوا بصاروخ إيراني على بئر السبع قبل لحظات من وقف الحرب، ما يشير إلى أن طهران لا تزال تحتفظ بقدرتها على الرد.

كما أدت الهجمات الصاروخية إلى إغلاق كامل للمجال الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك مطار بن غوريون، مما عزل أكثر من 150 ألف إسرائيلي في الخارج، وأعاد تسليط الضوء على هشاشة الدفاع الجوي وجاهزية إسرائيل لمواجهة تصعيد واسع النطاق.

ورغم الإنجازات العسكرية، تكشف هذه التطورات، بحسب قراءة المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، عن ثغرة في معادلة الردع، إذ تؤكد إيران استمرار قدراتها الصاروخية الهجومية، مما يثير تساؤلات حول فعالية الردع الإسرائيلي والأميركي.

وكشفت الحرب عن ثغرات في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، حيث فشلت منظومات الاعتراض بصد نحو 50% من الصواريخ الباليستية الإيرانية التي اخترقت الحماية ووصلت لمناطق مأهولة ومواقع إستراتيجية، مسببة أضرارا جسيمة.

وهذا الإخفاق أثار تساؤلات حول جاهزية الأنظمة الحالية وقدرتها على التعامل مع تهديدات بهذا الحجم والدقة، ما يعيد النقاش حول ضرورة تسريع تطوير أنظمة دفاع مستقبلية، خاصة المعتمدة على الليزر، وتعزيز الحماية الميدانية للجبهة الداخلية.

كما أظهرت الأحداث ضعف تجهيز الملاجئ والغرف المحصنة، وقد زاد ذلك شعور الإسرائيليين بعدم الأمان، وعزَّز الحاجة للحماية المدنية وتنويع وسائل الدفاع لضمان سلامة الأشخاص.

“جرد حساب”

وتحت عنوان “إنجاز تاريخي أم وهم مؤقت؟ إنهاء الحرب مع إيران والأسئلة الصعبة”، كتب المحلل السياسي إيتمار آيخنر، مقالا في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، تناول فيه صورة شاملة للعملية العسكرية من زاوية الربح والخسارة في الميزان الإسرائيلي.

واستعرض آيخنر ما حققته إسرائيل من إنجازات بارزة على الصعيدين العسكري والسياسي، لكنه لم يغفل الإخفاقات والتحديات التي برزت خلال العملية، سواء في الجبهة الداخلية أو في غياب تسوية سياسية شاملة تضمن ديمومة هذه “النجاحات”، حسب وصفه.

ومع أنه قدَّم قراءة أولية لنتائج العملية، إلا أن آيخنر ترك الإسرائيليين أمام مجموعة من الأسئلة المفتوحة، التي تعكس حجم الغموض المحيط بالتقييم النهائي للحرب.

 

وفي ظل هذا المشهد المعقّد، تبقى عملية جرد الحساب غامضة، ويصعب الحسم في ما إذا كان ما تحقق يُعد انتصارًا فعليًا أم مجرد نجاح مؤقت، أقرب إلى الضبابية وربما إلى شكل من أشكال الإنكار غير المعلن.

ومما يعزز هذه القراءة الأسئلة الكبرى التي تطرح ولم تلق جوابا بعد من قبل صناع القرار في إسرائيل؛ هل شكلت الحملة العسكرية إنجازا “تاريخيا” سيغير خريطة التهديدات في الشرق الأوسط؟ أم أنها لحظة مؤقتة ستستأنف بعدها المواجهة مع طهران بشكل أعنف؟

والإجابات بحسب آيخنر، لن تأتي فورا، وستستغرق شهورا، وربما سنوات، لفهم مدى نجاح العملية بتحقيق أهدافها الجوهرية وهي تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية، واستعادة قوة الردع، وتأمين حرية عمل لسلاح الجو الإسرائيلي في عمق إيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى