من الاحتكاك إلى الطاقة.. دراسة تكشف طريقة جديدة لتحويل الطاقة الميكانيكية إلى كهرباء

بقلم: يورونيوز
نشرت في
كشف باحثون أوروبيون عن طريقة جديدة لتحويل الطاقة الميكانيكية الناتجة عن الاحتكاك إلى كهرباء قابلة للاستخدام، في تطور علمي قد يفتح المجال أمام تطبيقات واسعة في المركبات الكهربائية والإلكترونيات منخفضة الاستهلاك.
الدراسة يقودها الباحث الإيطالي سيموني ميلوني من جامعة فيرارا، وتركز على ظاهرة علمية معروفة منذ آلاف السنين باسم التأثير الكهربة الاحتكاكية، وهي العملية التي تنتج شحنة كهربائية عندما تحتك مادتان عازلتان ببعضهما البعض، كما لاحظها الفيلسوف اليوناني طاليس الملطي قبل نحو 2600 عام.
مولد نانوي يعتمد على الضغط والماء
في دراسة نُشرت في مجلة Nano Energy، عرض ميلوني وزملاؤه جهازًا يُعرف باسم مولد نانوي قائم على الكهربة الاحتكاكية بنظام الإدخال والإخراج (Intrusion–Extrusion Triboelectric Nanogenerator – TENG)، يعمل عبر استخدام الضغط لإدخال الماء إلى مسام نانوية ثم إخراجه منها بشكل متكرر، ما يؤدي إلى توليد تيار كهربائي متناوب.
ويعتمد هذا النظام على مواد مسامية ذات مساحة سطح داخلية كبيرة جدًا، ما يسمح بتبادل شحنات كهربائية أكثر مقارنة بالأسطح المستوية، وهي نقطة أساسية في رفع كفاءة توليد الكهرباء.
كفاءة تحويل بلغت 9 في المئة
وأوضح الباحثون أن النموذج الذي جرى تطويره حقق كفاءة تحويل طاقة بلغت نحو 9 في المئة. ويتكوّن الجهاز من سيليكون مسامي موصل للكهرباء، مطلي بطبقة رقيقة للغاية من السيليكا المعدلة لتكون كارهة للماء، ما يضمن طرد الماء من المسام واستمرار دورة الإدخال والإخراج.
ويؤدي السيليكون الموصل دور القطب الكهربائي، ويقع على مسافة تتراوح بين 1 و2 نانومتر فقط من موقع توليد الشحنة، ما يعزز فعالية النظام.
دور العيوب المجهرية في توليد الكهرباء
وأشار ميلوني إلى أن العيوب الدقيقة في الطبقة السطحية للجهاز تلعب دورًا محوريًا في عملية الكهربة الاحتكاكية، إذ تنفصل جزيئات مطعمة عن سطح السيليكا أثناء إدخال الماء، ثم تعود للالتصاق عند إخراجه، ما يسمح بتوليد الشحنات الكهربائية.
غير أن الباحثين لفتوا إلى وجود توازن دقيق، إذ إن زيادة عدد هذه العيوب تعزز توليد الشحنة، لكن زيادتها المفرطة قد تؤدي إلى فقدان خاصية كراهية الماء.
تطبيقات محتملة في المركبات الكهربائية
ويأتي هذا البحث ضمن مشروع أوروبي ممول يُعرف باسم “إلكترو-فيوجن”، يهدف إلى تطوير ممتصات صدمات متجددة للمركبات الكهربائية. وتشير التقديرات إلى أن ممتصات الصدمات تستهلك ما بين 5 و10 في المئة من طاقة المركبة، ما يجعل تحويل هذه الحركة الميكانيكية إلى كهرباء فرصة لتحسين كفاءة المركبات.
كما يرى الباحثون أن هذه التقنية قد تجد تطبيقات مستقبلية في مجالات أخرى، مثل الأجهزة القابلة للارتداء والإلكترونيات منخفضة الطاقة.
أسئلة علمية لا تزال مفتوحة
ورغم التقدم المحقق، يؤكد ميلوني أن الفهم العلمي الدقيق للأسباب المجهرية لظاهرة الكهربة الاحتكاكية لا يزال غير مكتمل، مشيرًا إلى أن العلماء ما زالوا يناقشون طبيعة انتقال الشحنات بين الأسطح المتلامسة.
وأضاف أن النظام المطور لا يزال في مرحلة التحسين، مع استمرار اختبار مواد مختلفة لمكونات الجهاز، في وقت بدأت فيه بالفعل أعمال تطوير نماذج أولية لتطبيقات عملية، ما يشير إلى أن تحويل الاحتكاك البسيط إلى مصدر للطاقة قد يصبح جزءًا من تقنيات المستقبل.









