حملة خيرية في قطر تجمع 220 مليون ريال لإغاثة سوريا وغزة

الدوحة- في أكبر حدث من نوعه لجمع التبرعات، نجحت حملة خيرية في قطر تحت عنوان “ليلة 27” لإغاثة سوريا وغزة، في جمع 220 مليونا و400 ألف ريال عبر بث مباشرعلى تلفزيون قطر، استمر لمدة 3 ساعات.
شهدت الحملة، التي أقيمت بالتعاون بين الهلال الأحمر القطري وقطر الخيرية والمؤسسة القطرية للإعلام تفاعلا كبيرا من أهل قطر، حيث تبرع فاعلو الخير بمبالغ كبيرة، كما تسابقت العديد من الشركات ومؤسسات القطاع الخاص بالتبرع بالملايين لزيادة حصيلة الحملة.
واستضاف تلفزيون قطر عددا من الدعاة والمسؤولين بكل من الهلال الأحمر وقطر الخيرية حيث استعرضوا حجم المأساة الكبيرة في كل من سوريا وغزة.
كما تميزت الفعالية بالتعاون مع كل من الحي الثقافي والجزيرة 360، وجمعية الاستجابة الطارئة بمشاركة مؤثرين وإعلاميين سوريين عبر اتصال مرئي مباشر من داخل مخيمات النازحين في سوريا، مما أضفى عليها بعدا إنسانيا مؤثرا، حيث تم تسليط الضوء على معاناة النازحين وظروفهم الصعبة، مما دفع الحضور والمشاهدين إلى التفاعل العاطفي والمساهمة الفعالة في دعم القضية.
وفي تصريحٍ لـ”الجزيرة نت”، عبّر مساعد الأمين العام للاتصال وتنمية الموارد بالهلال الأحمر القطري، محمد أحمد البشري، عن شكره وعرفانه لأهل قطر، الذين تسابقوا -كعادتهم- في فعل الخير ومساندة أشقائهم في سوريا وغزة.
وأشار إلى أن التفاعل الكبير مع حملة “ليلة 27” يجسد عمق الإحساس الإنساني والمسؤولية المجتمعية الراسخة في وجدان هذا الشعب المعطاء، بمؤسساته وشركاته.
وقال البشري: “سعدنا بمشاهدة التجاوب الرائع والروح المتميزة من الدعاة، وممثلي الهلال الأحمر القطري وقطر الخيرية، بل ومن الإعلاميين أيضًا، الذين ساهموا في إثراء الحملة بنقاشاتهم ومداخلاتهم. ونؤكد أن هذه المساهمات السخية ستصل إلى مستحقيها بكل شفافية وسرعة، لتخفيف معاناتهم ومد يد العون لهم في هذه الظروف الصعبة، سواء في غزة أو سوريا”.

12 عاما من الدعم
من جانبها، أوضحت مدير إدارة العمليات الإنسانية بقطر الخيرية، عائشة عبد الرزاق الكواري، أن “ليلة 27” لهذا العام يأتي استجابة لحجم الدمار الكبير في البيوت والمرافق الخدمية بسبب الأزمة في سوريا، واستمرارا لجهود مؤسسة قطر الخيرية الإنسانية لإغاثة المتضررين السوريين، والتي بدأت قبل أكثر من 12 عاما، في مجالات الغذاء والإيواء والمواد غير الغذائية والصحة والتعليم وغيرها، خدمة للنازحين في الشمال السوري أو اللاجئين في دول الجوار.
وأكدت أن قطر الخيرية قدمت دعما إنسانيا متواصلا للشعب السوري على مدى 12 عاما، بقيمة تجاوزت 900 مليون ريال، واستفاد منها 24 مليون شخص، وشملت مشاريع إيواء كبرى مثل مدينة الأمل التي تضم 1400 وحدة سكنية ومرافق متكاملة، يستفيد منها 8800 شخص.
وصول تبرعات حملة ليلة 27 إلى أكثر من 220 مليون ريال قطري من خلال البث المباشر على #تلفزيون_قطر #بالخير_نعمرها pic.twitter.com/M4mLs5OXB5
— تلفزيون قطر (@QatarTelevision) March 26, 2025
تأثير مستدام
وفي تصريح للجزيرة نت، قال أحمد يوسف فخرو مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع تنمية الموارد والاتصال بقطر الخيرية إن فعالية “ليلة 27” تأتي كجزء من التزام قطر الخيرية بدعم الأشقاء السوريين، وإحداث تأثير إيجابي ومستدام في حياتهم، فالهدف هو جمع التبرعات لإعادة ترميم 1500 منزل متضرر، مما يتيح لآلاف العائلات النازحة فرصة العيش في بيئة أكثر أمانا واستقرارا، بعيدا عن قسوة النزوح والتشرد.
وأضاف “إننا في قطر الخيرية نؤمن بأن توفير السكن ليس مجرد إعادة بناء جدران، بل هو استعادة للكرامة والأمان وتحسين لجودة الحياة، خصوصا للأطفال وكبار السن الذين يعانون من قسوة الظروف المعيشية”.
ولفت إلى أنه من خلال هذه الحملة “نسعى لأن نعيد الأمل في نفوس المتضررين، وأن نمنحهم بداية جديدة توفر لهم الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة”، مشيدا بالتفاعل الكبير من الجمهور داخل قطر أو خارجها، الذي يعكس القيم الإنسانية العظيمة التي تؤمن بها مجتمعاتنا، وحرصه الدائم على تقديم المساعدة للمنكوبين.
وأكد استمرار قطر الخيرية في دعم السوريين من خلال المشروعات المتنوعة، والتي تشمل الإغاثة العاجلة، والرعاية الصحية، والتعليم، والتمكين الاقتصادي، وغيرها من المبادرات التي تسهم في تحسين حياتهم بشكل مستدام.
أقيمت حملة خيرية تحت عنوان “ليلة 27” لإغاثة سوريا وغزة ، وذلك بترخيص من هيئة تنظيم الأعمال الخيرية،
بالتنظيم المشترك بين قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري بالتعاون مع المؤسسة القطرية للإعلام pic.twitter.com/zc7O6HIa5I— هيئة تنظيم الأعمال الخيرية (@Racaqa) March 27, 2025
مساعدات متكاملة
وتابع فخرو أن التحديات التي يواجهها النازحون السوريون كبيرة، لكن بدعم الخيرين والمؤسسات الإنسانية “يمكننا أن نحدث فرقا حقيقيا”. و”نحن في قطر الخيرية مستمرون في أداء رسالتنا الإنسانية، مؤمنين بأن العمل الخيري مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود لضمان مستقبل أكثر إشراقا للمحتاجين في كل مكان”.
وأشار إلى أنه منذ اندلاع الأزمة السورية، حرصت قطر الخيرية على أن تكون في مقدمة المؤسسات الإنسانية التي تقدم الدعم والمساندة للأشقاء السوريين، سواء داخل سوريا أو في دول اللجوء، وقال “من خلال برامجنا المتكاملة، ركزنا على تلبية الاحتياجات الأساسية للمتضررين، مع التركيز على إيجاد حلول مستدامة تُسهم في تحسين ظروفهم المعيشية على المدى الطويل”.

حلول عملية
وقال مدير إدارة العمليات التنموية في قطر الخيرية عبد العزيز جاسم حجي، في حديث للجزيرة نت، إن فعالية “ليلة 27” ليست سوى محطة ضمن الجهود المستمرة التي تبذلها المؤسسة لإحداث تغيير إيجابي في حياة الأشقاء السوريين، مشددا على التزام المؤسسة بمواصلة العطاء وتقديم حلول عملية تسهم في تخفيف معاناة المتضررين وتعزز قدرتهم على الصمود في وجه التحديات.
وأوضح حجي أن مشروع إعادة البناء والترميم سيتم تنفيذه في ريف مدينة حماة السورية، ويهدف لترميم 1500 منزل، مما سيمكن العائلات المتضررة من العودة إلى مساكنها واستئناف حياتها الطبيعية بعد سنوات من النزوح والمعاناة متوقعا أن يستفيد من المشروع 12 ألف نازح ومتضرر.
وأضاف أن المشروع لن يقتصر على ترميم المنازل فقط، بل سيركز على إعادة تأهيل المرافق الخدمية الأساسية في المناطق المستهدفة، حيث ستشمل الخطة على التالي:
- تجهيز مركز صحي.
- تأهيل مسجد.
- بناء وترميم مدرستين ابتدائيتين ومدرسة إعدادية، ومدرسة ثانوية، وروضة أطفال.
- ترميم وتجهيز 50 محلا تجاريا لدعم النشاط الاقتصادي في المنطقة.
وسيمثل إنجاز هذا المشروع، وفق حجي، نقطة تحول كبيرة في حياة النازحين، حيث سيمكن من إغلاق عدة مخيمات كانت تؤويهم وإنهاء معاناتهم الممتدة، ومنحهم فرصة للعودة إلى بيوتهم، وإعادة نبض الحياة إلى المناطق التي اضطروا قسرا لمغادرتها.
وأضاف أن هذه الجهود تعكس التزام قطر الخيرية والشركاء بتقديم دعم حقيقي ومستدام، لا يقتصر فقط على الإغاثة الطارئة، بل يمتد ليشمل إعادة الإعمار والتنمية الشاملة، بهدف تمكين الأسر السورية من بناء مستقبل أكثر استقرارا وأمانا.

موقف ثابت
وفي تصريح للجزيرة نت، أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي أن الدور الإنساني، الذي تقوم به دولة قطر في دعم الشعب السوري، يعكس قيم الأخوة الإسلامية والتكافل الإنساني، ويؤكد على موقفها الثابت في مساندة المستضعفين والمتضررين من الأزمات والكوارث.
وأشار إلى أن قطر -حكومة وشعبا- كانت في طليعة الدول التي قدمت المساعدات العاجلة والدعم المستدام للشعب السوري منذ بداية أزمته، وذلك من خلال الإغاثة العاجلة، وإعادة الإعمار، ودعم التعليم والصحة، مما أسهم في التخفيف من معاناة الملايين.
وأضاف، في هذا السياق، أن فعالية “ليلة 27″، التي أطلقتها قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري بالتعاون مع المؤسسة القطرية للإعلام، كمبادرة نوعية تهدف إلى إعادة تأهيل وترميم 1500 منزل مدمر، تأتي لتوفر بذلك ملاذا آمنا ومستقرا للمتضررين، وخاصة الأسر الأكثر احتياجا، موضحا أن هذه المبادرة ليست مجرد عمل خيري، بل هي رسالة إنسانية تعكس التزام قطر الدائم بمساعدة المحتاجين، وتجسد روح التعاون والتكافل التي دعا إليها الإسلام.