خاصاتساع هوة الخلاف بين دمشق و”قسد”..توتر كبير واتهامات متبادلة

المصدر الحكومي السوري أوضح أن دمشق لن تدخل في مفاوضات مع جهات “تسعى لإحياء عهد النظام السابق”، في إشارة إلى مؤتمر الحسكة الذي نظمته “قسد” بمشاركة مكونات سورية متعددة.
واعتبرت الخارجية السورية أن المؤتمر يستند إلى أسس طائفية وعرقية، ويتبنى إعادة رموز النظام السابق إلى الواجهة.
وفي المقابل، ردت “قسد” باتهام الفصائل المدعومة من تركيا، والمنضوية تحت مظلة حكومة دمشق، بخرق وقف إطلاق النار في مناطق عدة.
وأشارت في بيان إلى أن تلك الفصائل نفذت أكثر من 22 هجوما في الفترة الأخيرة، استخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة، إضافة إلى عمليات برية ومحاولات عبور نهر الفرات، ما أدى إلى إصابة 11 مدنيا.
وطالبت “قسد” بوقف هذه الخروقات فورا والالتزام ببنود الاتفاق القائم.
مشهد معقد وتوترات متزامنة
التصعيد بين دمشق و”قسد” لم يأتِ بمعزل عن أحداث ميدانية أخرى.
ففي الجنوب السوري، توغلت قوات إسرائيلية في عدد من القرى والبلدات بريف القنيطرة الأوسط والجنوبي، ونصبت حواجز وفتشت المدنيين، قبل أن تنسحب بعد ساعات.
كما شهدت محافظة السويداء هجوما حادا من شيخ عقل الموحدين الدروز حمود الحناوي على دمشق، متهما إياها بنقض المواثيق، ومؤكدا أن المحافظة ترفض الانصياع لسياساتها رغم “الحصار الخانق” الذي تعانيه.
“المقاطعة” خيار محسوب
الصحفي رمال العيسى، في حديثه لبرنامج “التاسعة” على “سكاي نيوز عربية”، اعتبر أن رفض دمشق المشاركة في لقاء باريس كان متوقعا، خاصة بعد مؤتمر الحسكة الذي جمع مختلف مكونات شمال وشرق سوريا، بما في ذلك شخصيات درزية وعلوية شاركت افتراضيا.
وأوضح العيسى أن المؤتمر لم يكن ذا طابع انفصالي كما تروّج الرواية الرسمية السورية، بل تضمن حضور ممثلين عن العرب، الكرد، السريان الآشوريين، الأرمن، الكلدان، الشركس، والإيزيديين، وخرج بتوصيات تؤكد على وحدة البلاد وسيادة القانون، مع تحفظات على النظام المركزي الذي تتمسك به دمشق.
تعثر مسار التفاوض
الاتفاق الموقع بين الطرفين في 10 مارس، والذي تناول قضايا مثل اللامركزية، وشكل الحكم، وآلية دمج “قسد” في الجيش السوري، شهد عدة جولات تفاوضية برعاية أميركية.
إلا أن العيسى أكد أن المباحثات تعثرت بسبب إصرار دمشق على دمج “قسد” كأفراد لا ككتلة ذات خصوصية، وهو ما رفضته الأخيرة.
وأضاف أن تركيا لعبت دورا في تعطيل اللقاءات، مشيرا إلى أن الحكومة السورية تهربت من اجتماع باريس المزمع عقده قبل نحو 20 يوما، تحت ضغط تركي واضح، في سيناريو مشابه لما يحدث اليوم بعد مؤتمر الحسكة.
وبحسب العيسى، تتدخل أنقرة في كل مرحلة من المفاوضات بين دمشق و”قسد” عندما ترى أن مصالحها قد تتأثر.
ولفت إلى أن أكثر من 25 هجوما استهدف مناطق “قسد” منذ توقيع اتفاق 10 مارس، نفذتها فصائل مدعومة من تركيا، خاصة في منبج، حلب، الشيخ مقصود، أشرفية، ودير حافر، فضلا عن هجوم في دير الزور نفذه عناصر تابعون لدمشق.
وتدل المؤشرات، وفق العيسى، على أن “من يعرقل المسار التفاوضي هو النظام في دمشق، الذي لا يبدي جدية في تقديم تنازلات حقيقية، ويتمسك بهيكلية مركزية للحكم. في المقابل، تؤكد (قسد) استعدادها لاستئناف أي مفاوضات جدية برعاية دولية، رغم استمرار الهجمات على مناطقها”.
مشهد مفتوح على التصعيد
الرفض السوري للقاء باريس يعكس مقاطعة سياسية مقصودة، قد تكون رسالة تحذيرية أو مقدمة لتصعيد ميداني، خاصة مع استمرار الاشتباكات والخروقات.
في ظل هذا المشهد، تبقى احتمالات استئناف التفاوض قائمة لكنها رهينة لتغير المواقف السياسية، وإرادة الأطراف الفاعلة إقليميا ودوليا، وسط مشهد سوري يزداد تعقيدا، وتتشابك فيه الملفات الكردية، التركية، والإسرائيلية، مع تحديات داخلية متصاعدة.