خطة بلينكن المشروطة للاعتراف بدولة فلسطينية

واشنطن- في مقال بصحيفة وول ستريت جورنال المحافظة، كتب وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن، وهو يهودي ويُعد من أشد أنصار إسرائيل في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، يقول إن قرار الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب عدد من الدول مؤخرا يُعد صحيحا أخلاقيا.
وأضاف أنه يعكس إجماعا عالميا مع اعتراف أكثر من 140 دولة بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة، إلا أن الأولوية يجب أن تركز في الوقت الراهن على إنهاء معاناة المدنيين الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، وإنهاء الصراع في غزة مع تأجيل الحديث عن حل الدولتين.
واعتبر بلينكن، وهو الذي بادر بزيارة إسرائيل عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وصرح بأنه يزورها كونه يهوديا، أن “الاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت وبالطريقة المناسبين يمكن أن يساعد في تمكين إسرائيل من مغادرة قطاع غزة وتسريع تطبيع العلاقات بينها والسعودية”.
شروط
ويرى أن إدانة الدول العربية الرئيسية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودعوتها إلى نزع سلاحها وإطلاق سراح المحتجزين، مع انفتاحها على فكرة توفير قوات أمن عربية ومساعدة الفلسطينيين على حكم غزة وتأمينها وإعادة بنائها، يتطلب وجود “مسار سياسي موثوق به نحو تقرير المصير الفلسطيني، وهم مقتنعون أنه من دون تفعيل هذا الحق ستحتفظ حماس بالشرعية السياسية”.
وللاعتراف بدولة فلسطينية، اشترط بلينكن مطالبة الفلسطينيين بالالتزام بخطوات لضمان أمن إسرائيل، وهو ما من شأنه أن يهمش “مؤيدي الإرهاب” على الجانب الفلسطيني ورافضي إقامة دولة فلسطينية على الجانب الإسرائيلي.
وأضاف أنه يجب أن يكون الاعتراف قائما على شروط وهي: ألا تقود حماس أو أي “إرهابيين” آخرين هذه الدولة، وألا تتماشى مع إيران أو غيرها من الدول التي ترفض حق إسرائيل في الوجود، وألا تنشر “ثقافة كراهية اليهود أو إسرائيل”، وألا تصبح دولة فاشلة.
واقترح بلينكن إطارا زمنيا مدته 3 سنوات تتهيأ فيه ظروف مواتية يمكن أن تُظهر لإسرائيل والعالم أن فلسطين المستقلة ستركز على بناء دولة، وليس تدمير إسرائيل. وطالب أن يشرف مجلس الأمن على هذه العملية، مع رعاية مفاوضات فلسطينية إسرائيلية مباشرة حول قضايا مثل الحدود والترتيبات الأمنية والقدس وحق العودة.
وختم عرض رؤيته مؤكدا أن “7 ملايين يهودي إسرائيلي ومليوني عربي إسرائيلي وحوالي 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة متجذرون في المنطقة نفسها ولن يغادروها”.
تشكيك ورفض
وبعيدا عن مكافأة حماس، كما يزعم بعض الإسرائيليين، يرى بلينكن أن تبنّي اعتراف محدد زمنيا قائم على شروط واضحة سيكون “نهاية لأجندة الحركة المتمثلة في الموت والدمار، وسيضع الإسرائيليين والفلسطينيين في نهاية المطاف على طريق التعايش الدائم والسلمي والآمن”.
وتلقى مناصرو إسرائيل في واشنطن وصفة بلينكن بتشكيك ورفض كبيرين.
وفي تغريدة على منصة إكس، قال روبرت ساتلوف، رئيس معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، المعروف بقربه من تبني المواقف الإسرائيلية، إنه رغم الإشادة الواجبة بما قام به بلينكن لخدمة تل أبيب، فإنه “لم يتطرق إلى المشكلة الأساسية، وهي حقيقة أن 20 عاما من الإحباط والفشل والإرهاب قد أبعدت الغالبية العظمى من الإسرائيليين (وليس فقط اليمين) عن فكرة الدولة الفلسطينية”.
وسخر ساتلوف من طرح بلينكن الذي يرى أن الاعتراف بدولة فلسطينية يمكن أن يأتي حتى قبل أن يحل الإسرائيليون والفلسطينيون قضايا حرجة مثل الأمن والحدود.
وأكد أن “الطريق إلى إقامة دولة فلسطينية، إن وجد، يسير في اتجاه واحد فقط، هو إقناع أغلبية الإسرائيليين بأن أمنهم ورفاهيتهم الشخصية والجمعية على حد سواء أفضل حالا من خلال الانفصال عن الفلسطينيين ومنحهم قدرا من السيادة وإظهار هذا الرأي في انتخابات ديمقراطية لحكومة من اختيارهم”.
واختتم ساتلوف بالقول إن “هذا التحرك الدبلوماسي حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس بعيدا عن الموضوع فحسب، بل إنه يأتي بنتائج عكسية بالتأكيد”.
ترحيب
في الوقت ذاته، تبنى النائب الديمقراطي من ولاية كاليفورنيا، رو هانا، إعداد مسودة خطاب يوجه للبيت الأبيض ووزارة الخارجية يطالب فيه بالاعتراف بدولة فلسطينية شريطة أن تعترف أولا بإسرائيل، وتضمن نزع سلاح حركة حماس، وتبعدها عن السلطة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أصبح هانا -بشكل متزايد- أكثر الأعضاء تحدثا عن الأزمة الإنسانية في غزة في مجلس النواب، وهو ما جعله الأكثر استهدافا من منظمة أيباك الموالية لإسرائيل. وجاء في رسالته: “نكتب إليكم لنطلب من الولايات المتحدة الاعتراف رسميا بدولة فلسطينية، لقد سلطت هذه اللحظة المأساوية الضوء للعالم على الحاجة التي طال انتظارها للاعتراف بتقرير المصير الفلسطيني”.
وقال الموقعون على الرسالة إنهم يرحبون بقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطينية، وحثوا الحكومات الأخرى على أن تحذو حذوها، علما أن المملكة المتحدة وكندا ونيوزيلندا وأستراليا عبروا عن اعتزامهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل نهاية الشهر القادم.